تطور التصميم من مجرد أن يكون صوراً جميلة في غرف الرسم إلى أن يصبح منهجاً أساسياً لإدارة شركات عملاقة. العديد من المنظمات حالياً تُعلم أفرادها كيفية التفكير مثل المصممين لحل المشاكل وتعزيز الابتكار داخل المؤسسة.
بالرغم من أن التصميم يتطلب أن يكون جميلاً، لكن الشيء الفريد في التصميم هو التركيز على المستخدم أو المتلقي ليكون هو محور وهدف عملية التصميم كاملةً.
هذا ما يُدعى بـ التفكير التصميمي (Design Thinking) وهي الأداة التي حافظت على نجاح العديد من الشركات مثل: Apple و Google و Nike لعقود.
يشير مفهوم Design Thinking إلى المنهجية التي يطبقها المصممون خلال أعمالهم، عن طريق الفهم العميق لاحتياجات أو مخاوف المستخدم، يستطيع المصممون بعدها ابتكار حلول لتلبية هذه الاحتياجات ومساعدتهم.
في هذا المقال سنتكلم عن:
التفكير التصميمي (Design Thinking): هو نهج يساعد الشركات على مواجهة التحديات وحل المشكلات المعقدة باتباع طرق تفكير غير تقليدية من الابتكار والإبداع والتعاطف والفهم العميق للمشكلة، ومن ثم إيجاد حلول مبتكرة تتوافق مع احتياجات العملاء.
تيم براون (Tim Brown) -الرئيس التنفيذي لشركة IDEO العالمية للتصميم- عرف التفكير التصميمي بأنه:
"نهج ابتكار محوره الإنسان يعتمد على مجموعة أدوات التصميم لدمج احتياجات الناس، وإمكانات التكنولوجيا، ومتطلبات نجاح الأعمال".
الخلاصة هي طريقة تفكير تحرِص على جعل المستخدم محور كل شيء، تجمع هذه المنهجية بين ما هو مرغوب فيه -حاجة الإنسان- وبين ما هو ممكن تقنيًا ومجدي اقتصاديًا.
كَشف تقرير صادر عن شركة McKinsey & Company أن الشركات التي تعطي الأولوية للتفكير التصميمي تزيد إيراداتها بنسبة 32٪ وتحقق عوائد أعلى للمساهمين بنسبة 56٪ مقارنة بأقرانها في الصناعة.
وفي دراسة أجراها معهد إدارة التصميم واستراتيجيات Motiv وجد أن المنظمات التي تتبنى التفكير التصميمي بلغت حصة سوقية أعلى بنسبة 41٪ ،وميزة تنافسية بنسبة 46٪ ، وولاء أكبر للعملاء بنسبة 50٪.
من أبرز التجارب الملهمة في الشركات الناشئة هي تجربة شركة أوبر، اتبعت أسلوب التفكير التصميمي لإنشاء تطبيق "Uber" ركزوا من خلاله على الميزات التي تتمحور حول المستخدم مثل التتبع المباشر والدفع السلس وتقييمات السائقين، وذلك عزز التجربة الإجمالية لكل من الركاب والسائقين.
وكذلك من تطبيقات التفكير التصميمي في الوطن العربي، هو استخدام مؤسسة قطر (Qatar Foundation) التفكير التصميمي لمواجهة التحديات المتعلقة بإدارة المياه وتطوير حلول مستدامة، دخلت مؤسسة قطر في شراكة مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) لإنشاء مختبر التفكير التصميمي. يعمل المعمل على ابتكار طرق لجمع المياه وتخزينها، وتطوير طرق جديدة لاستخدام المياه بشكل أكثر كفاءة.
واستخدمت Airbnb التفكير التصميمي لإنشاء تطبيق ساعد في تقليل عمليات الاحتيال وساعد المسافرين، وذلك بتصميم منصة تُركز على الثقة والخصوصية وتجربة مستخدم سلسة.
كذلك استخدمت Warby Parker وهي شركة نظارات، التفكير التصميمي لتحدي صناعة النظارات التقليدية، حيث طورت منصة تسمح للعملاء بتجربة النظارات في المنزل قبل شرائها.
تتصف مراحل التفكير التصميمي (Design Thinking) بأنها ليست خطوات متتالية بل هي أقرب لأن تكون حلقة متكررة، خلال كل مرحلة يمكن أن تكتشف معلومات جديدة قد تتطلب منك إعادة تعديل الخطوات السابقة، وغالبًا ما تعمل الفرق على هذه المراحل بالتوازي بطريقة تكرارية.
يجادل تيم براون في كتابه "التغيير حسب التصميم" أن التفكير التصميمي ليس فقط للمصممين بل منهجية يجب أن يتبناها الجميع، ويمكن لأي شخص أن يصبح مفكر تصميمي باتباع خطوات بسيطة وهي:
1.التعاطف مع العميل (Empathize)الخطوة الأولى في التفكير التصميمي هي فهم احتياجات العميل، وذلك عن طريق إجراء بحث حول من هم العملاء؟ وما يحتاجون إليه، ومراقبتهم في بيئتهم الطبيعية، ومقابلتهم للحصول على ملاحظاتهم، وما هي توقعاتهم فيما يتعلق بالمنتج الذي تصممه؟ وما هي التحديات ونقاط الألم التي يواجهوها في هذا السياق؟
2.حدد المشكلة (Define)بعد فهم احتياجات المستخدم، يمكن البدء في تحديد المشكلة التي تحتاج إلى حل. هذه خطوة مهمة جداً لأنها تساعد على تركيز الجهود وتشكيل رؤية واضحة لتجنب حل المشكلة الخاطئة.
3. التفكير (Ideate)بمجرد تحديد المشكلة، تبدأ بعدها عملية توليد الأفكار لإيجاد الحلول. في هذه مرحلة يُمنع إطلاق الأحكام وبتر الأفكار، حاول أنّ تُشجع الفريق على الإبداع والتفكير خارج الصندوق يمكن أن تستعين بأدوات مساعدة مثل: العصف الذهني والرسوم والخرائط الذهنية.
4. النموذج الأولي والاختبار (Prototype)نبدأ بإنشاء نماذج أولية للأفكار السابقة ثم نختبرها على المستخدمين. هذه الخطوة مهمة لأنها تُتيح اختبار الفكرة وإجراء تحسينات قبل إطلاق المنتج أو الخدمة النهائية.
5.التنفيذ والتكرار (Iteration)بمجرد اختبار النماذج الأولية وإجراء التحسينات، يمكن إطلاق المنتج أو الخدمة النهائية.
انتبه! العمل لم ينته بعد
استمر في تكرار الخطوات السابقة وتحسين المنتج أو الخدمة بناءً على ملاحظات العملاء.
هناك العديد من أدوات التفكير التصميمي التي يمكن استخدامها أثناء عملية التصميم، وهي عبارة عن أدوات وتطبيقات برمجية تجعل العمل الجماعي وعملية التفكير أسهل وأكثر فاعلية، من هذه الأدوات:
تعمل على تحليل جلسات المستخدم وتتبع سلوكه مثل المكان الذي ينقر عليه، والمدة التي يقضيها على صفحة ما في الموقع، ومن ثم يمكن استخدام هذه المعلومات لتحسين تصميم الخدمة وجعلها أفضل.
نصائح إضافية لاستخدام أدوات التفكير التصميمي بفاعلية:
التفكير التصميمي هو أساس نجاح الشركات وهو من أقوى الأدوات التي يمكن استخدامها لحل المشكلات وإنشاء منتجات وخدمات مبتكرة ولا يقتصر استخدامها على الشركات الكبرى، بل يجب اعتماد التفكير التصميمي في الشركات الصغيرة وعلى مستوى الأفراد في وقتٍ مبكر؛ لأنه يؤثر في تصميم هوية الشركة على المدى البعيد.
في تقرير صادر عن Grand View Research من المتوقع أن يصل سوق التفكير التصميمي العالمي إلى 12.3 مليار دولار بحلول عام 2025. هناك فرص عظيمة واعدة في هذا القطاع حاول استغلالها وابدأ تطبيق التفكير التصميمي في عملك الريادي من الآن.
المصادر: