تتألق المجتمعات في الأردن ولبنان والعراق بثقافاتها المتنوعة وتاريخها العريق. ومع ذلك، فإنها تواجه تحديات اجتماعية كبيرة تتطلب حلاً شاملاً ومستدامًا.
تعدّ ريادة الأعمال الاجتماعية إحدى المقومات الأساسية لنهضة المجتمعات ورفاهيتها، حيث إنها تندرج ضمن محاور رؤية الدول المتقدمة، لذا إنّ تحقيق مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر يعتمد على وجود ريادة اجتماعية نشطة ومتجددة؛ فهي تعمل على تنمية الاقتصاد المحلي وتعزيز الفرص للفئات المحرومة والمهمشة في المجتمع، مما يؤدي إلى تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
عملية التعرف على الفرص واستغلالها ببراعة لخلق قيمة اجتماعية، حيث يعتمد رواد الأعمال الاجتماعيون على استغلال الأفكار في كل من العالم التجاري وغير الربحي لتطوير استراتيجيات تُحسن حياة الأفراد. يتميز رواد الأعمال الاجتماعيون بالدافع والإبداع، حيث إنهم يحللون الواقع الحالي ويستفيدون من الفرص الجديدة، ولا يستسلمون للتحديات بل يعملون على تغيير العالم وجعله مكاناً أفضل.
استخدام فنّ تحقيق أرباح ماديّة وقيمة مجتمعيّة جوهريّةٍ من مشروعاتٍ استثماريّة.
على الرغم من تعدد التعريفات حول مفهوم ريادة الأعمال الاجتماعية، إلا أنها تدور حول إيجاد حلول مبتكرة لمشكلات المجتمع واستغلال الموارد المحدودة بأفضل طريقة ممكنة، بهدف تحقيق تغيير حقيقي ومستدام.
ريادة الأعمال الاجتماعية لها تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد والمجتمع، حيث تقدم حلاً مبتكرًا للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المجتمعات. من خلال عدة طرق منها:
تهدف ريادة الأعمال إلى تقديم حلول مبتكرة وفعالة للمشاكل الاجتماعية التي تواجه مجتمع المشرق العربي. حيث تركز على تطوير منتجات أو خدمات تلبي الاحتياجات الحالية وتساهم في تحسين حياة الأفراد والمجتمعات.
مثلاً: يمكن لرواد الأعمال الاجتماعيين المساهمة في التصدي لأزمات ناتجة عن ندرة الموارد الطبيعية وشحها في بعض بلدان منطقة الشرق الأوسط. حيث أشار تقرير البنك الدولي بعنوان: "ضعف الحوكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يفاقم أزمة الأراضي" في عام 2023؛ إلى أن الأراضي الزراعية في دول المنطقة تراجعت بنسبة 2.4% خلال 15 عامًا من 2003 حتى 2018، وهو أكبر انخفاض عالمي في منطقة تعاني من أدنى مساحة زراعية للفرد وهامش ضئيل للزراعة.
وفي الوقت ذاته، ازداد عدد السكان بنسبة 35%، ومن المتوقع أن يرتفع بنسبة 40% أخرى ليصل إلى 650 مليون شخص في عام 2050، مما يشير إلى أزمة مصيرية تضرب المنطقة وتتطلب حلاً إبداعيًا مبتكراً من رواد الأعمال الاجتماعيين لمواجهتها.
يساهم قطاع ريادة الأعمال الاجتماعية في تقليل معدلات البطالة وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية للأفراد.
أشار معهد الشرق الأوسط في تقرير بعنوان "تعزيز ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" أن منطقة الشرق الأوسط تواجه ارتفاعًا في معدلات البطالة، وتدهورًا في دخل الأسرة وفي سبل العيش. علاوة على ذلك، تستضيف دول مثل العراق والأردن ولبنان ملايين اللاجئين، لذلك التركيز على ريادة الأعمال الاجتماعية والابتكار يمكن أن يحفز انتعاشاً اقتصادياً شاملاً في هذه المجتمعات، بالإضافة إلى دعم التحولات الاجتماعية والثقافية وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.
يُعد رواد الأعمال مصدرًا رئيسيًا للابتكار والتطوير في المجتمع، تشير Stanford Social Innovation Review في تقريرها عن ريادة الأعمال الاجتماعية، إلى أن مفهوم ريادة الأعمال يمكن أن يكون نعمة ونقمة.
من الجانب الإيجابي، تُظهر ريادة الأعمال الاجتماعية القدرة الفطرية على استشعار الفرص والتحرك وفقًا لها، ودمج التفكير الإبداعي والتصميم الفريد لعمل ابتكارات جديدة أو تحقيق تغيير في العالم.
أما من الجانب السلبي، فقد تحتاج ريادة الأعمال الاجتماعية إلى وقت ليتضح تأثيرها الفعلي، حيث تحتاج المشاريع الاجتماعية إلى الوقت لتحقيق نتائج ملموسة.
تؤكد "فرح كامل" وهي شريك مؤسس في Dayma -والتي تعمل في مجال التوعية بالأنشطة البيئية والموارد الطبيعية- على أهمية تحفيز التفكير الإبداعي، وتشير إلى أن المنطقة تولي أهمية كبيرة للمشاريع التقنية بينما تغفل تمامًا عن المشاريع الاجتماعية. لذلك، تحتاج المشاريع الاجتماعية إلى الإبداع والابتكار وربطها بالتقنيات لخدمة المجتمع ولمواجهة التحديات البيئية المتنوعة.
وتوضح أيضاً، أن لرواد الأعمال الاجتماعيين قدرة على العمل بشكل أكثر سرعة من القطاع العام والشركات الكبرى، من أجل خدمة المجتمعات وحماية البيئة.
تسعى ريادة الأعمال إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال التركيز على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بشكل متوازن.
تُشير مؤسسة شركة Rais'Eau الناشئة بالمغرب -التي تعمل على ابتكار وتطوير حلول تكنولوجية بسيطة محلية لمواجهة أزمة ندرة المياه: "إن المشاكل الاجتماعية الحالية طويلة الأمد، مثل تغير المناخ وندرة المياه والفقر والبطالة، تتطلب حلًا مستدامًا وفعالًا لتحقيق التغيير المجتمعي المطلوب. يُمكن لريادة الأعمال الاجتماعية أن تلعب دورًا حاسمًا في مواجهة هذه المشاكل من خلال تقديم حلول مستدامة ومُبتكرة وفعالة تستند إلى المبادئ التجارية للحد من التلوث وتحسين استخدام الموارد وتشجيع الابتكار وخلق فرص العمل".
تشجع ريادة الأعمال على المبادرة الشخصية والابتكار، حيث يتم تحفيز الأفراد على تحويل أفكارهم إلى حقيقة وتحقيق الأثر الإيجابي في المجتمع.
يحث قطاع ريادة الأعمال على التنافسية الإيجابية وتحقيق التفوق في الأداء والجودة، مما يعزز التنمية الشاملة للمجتمع.
تواجه ريادة الأعمال المجتمعية العديد من التحديات التي تشكل عقبات أمام تحقيق التأثير الإيجابي المطلوب على الاقتصاد والمجتمع. من أبرز هذه التحديات:
يوضح الشريك الإداري في منظمة VentureX الأردنية، أن مجال ريادة الأعمال الاجتماعية يتأثر بشدة بتمويل المانحين الذين لديهم اهتمامات متنوعة. وهذا يؤثر على طبيعة التمويل والاستثمارات في المجال، حيث يتم دفع التمويل والاستثمارات بثقافة العمل الخيري الناشئة في المنطقة. كما يحتاج المجال أيضًا إلى مستوى من المعرفة الذي لا يزال يتطور ببطء في المنطقة.
هو مشروع غير ربحي يقدم وجبات صحية مجاناً للمحتاجين في عمان، الأردن. المطعم يعتمد على مبدأ "عازم ومعزوم"، حيث يشتري الأشخاص القادرون الوجبات ويحصل المحتاجون عليها مجاناً. يدير المطعم متطوعين من مختلف الجنسيات، مع التركيز على حفظ كرامة الإنسان وتوفير الدعم للمحتاجين. الفكرة لاقت تحديًا في البداية ولكن الآن أصبحت نموذجاً ناجحاً لتوفير الوجبات الصحية والمجانية للفئات المحتاجة في المنطقة.
هي منصة إلكترونية أردنية تهدف إلى نشر الفرص التعليمية والتدريبية، بالإضافة إلى توفير فرص التطوع والزمالة للشباب في منطقة الشرق الأوسط. تسعى المبادرة لخلق فرص متكافئة للشباب وإزالة العوائق التي تحول دون حصولهم على هذه الفرص، وتعمل على بناء ثقافة التعليم المستمر وتعزيز العمل الخيري وحس المسؤولية المجتمعية.
إحدى مبادرات مؤسسة ولي العهد في المملكة الأردنية الهاشمية، تم إنشاء منصة نوى بالشراكة مع القطاع الخاص، وتهدف إلى مضاعفة العمل الخيري وتنمية حس المسؤولية المجتمعية.
تقوم المنصة بربط المؤسسات الخيرية مع المتبرعين من الأفراد والشركات، وتتبع نهجًا شفافًا لتمكين المستخدمين من التبرع بثقة.
تهدف المبادرة إلى تحقيق تعليم متساوِ وفرص تعليمية للأطفال والشباب والنساء في المجتمعات المهمشة في لبنان. يهدف المشروع إلى تمكين الشباب من المهارات والمعرفة التي يحتاجونها للتغيير في المجتمع دون أي تمييز.
هي مبادرة تحفز الشباب على تقديم مقترحات والمشاركة في المسابقة التي تموّل وتدعم تنفيذ مشاريعهم، تساهم المبادرة في تشجيع الشباب على التفكير بمبادرات خدمة المجتمع.
في الختام، لا حدود تقيد مجال ريادة الأعمال الاجتماعية ولا يقتصر على مجموعة معينة من المجالات، بل يتيح فرصًا للجميع لكل من يتطلع للتغيير والتحسين وترك بصمة إيجابية في المجتمع.
لذا، إذا كنت تحمل أفكارًا إبداعية وتطمح لمستقبل أفضل، لا تتردد يمكن أن تساعدك منصة المشرق يبدأ ….. لتبدأ الآن.