قبل عقود لم تكن دراسة السوق أمرًا مهمًا نظراً لوجود حاجة دائمة للمنتجات وقلة الخيارات المتاحة لدى العملاء، لكن اليوم إن التأكد من وجود حاجة لمشروعك في السوق يعد خطوة حاسمة للنجاح في عالم ريادة الأعمال بسبب ازدياد المنافسة وكثرة الشركات.
لطالما واجهنا هذا السؤال الأزلي: أرغب في بدء مشروعي لكن أحتاج لدراسة السوق قبل البدء للتأكد من حاجة السوق لمثل هذه المشاريع .….. ما الحل؟
في هذا المقال، ستكتشف كيفية إجراء دراسة السوق قبل بدء مشروعك الريادي، ولكن قبل البدء لا بد من توضيح بعض النقاط الهامة في ريادة الأعمال:
يُعدّ التمييز بينهما أمرًا أساسيًا، تتكون دراسة الجدوى من ثلاثة أجزاء رئيسية:
إذاً دراسة السوق جزء من عملية دراسة الجدوى (feasibility study) أي أن دراسة الجدوى هي المفهوم الأشمل والأعم الذي يُحدد ما إذا كان مشروعك مستداماً ورابحًا ويمكن تنفيذه، كما أن بعض المشاريع الريادية تحتاج لدراسات إضافية (بيئية – تقنية ...الخ)
بعض الآراء تروج بأن دراسة الجدوى مدرسة قديمة ولا حاجةَ لها اليوم، لكن هذا غير صحيح!
لتحديد القيمة المضافة الفعلية (Value Proposition) التي يُقدمها المشروع، يجب إعداد دراسة جدوى واقعية تستند إلى تحليل شامل للسوق والعملاء المستهدفين والمنافسين.
يُتيح ذلك تحديد نقاط التميز الفعلية للمشروع الريادي، بعدها يمكن استخدام مخطط نموذج العمل BMC وهي خطوة متممة وليست بديلاً لدراسة الجدوى.
تحليل السوق (Market Analysis): هي عملية جمع وتحليل المعلومات لصناعة ما؛ من أجل فهم حجم السوق وإمكانات النمو والمنافسين حيث تهدف هذه الدراسة إلى اكتساب فهم شامل حول السوق الذي أنوي الدخول إليه.
على الرغم من أن تحليل السوق قد يبدو عملية معقدة نوعًا ما، إلا أنه ضروري جداً لفهم السوق والجمهور المستهدف وعناصر أخرى. حقيقةً يمكن لأي رائد أعمال إجراء تحليل السوق بنفسه في بضع خطوات بسيطة، لأنها عملية جمع وتحليل للبيانات ويمكن القيام بذلك باستخدام أساليب رياضية إحصائية لتحليل البيانات المتاحة حول السوق المستهدف.
تكمن أهمية دراسة السوق في اكتشاف الفرص وتقليل المخاطر، يمكن تحديد خطواتها الرئيسية في ما يلي:
حدد الأهداف والأسئلة التي ترغب في الإجابة عنها خلال الدراسة التسويقية.
ما الذي تريد تحقيقه من خلال تحليل السوق الخاص بك؟ هل ترغب في فتح مشروع ريادي؟
أم زيادة المبيعات؟ أم التوسع في أسواق جديدة؟ أو تطوير منتجات وخدمات جديدة؟
لمن تحاول البيع؟ ما هي احتياجاتهم ورغباتهم؟
لمعرفة الحجم والحصة السوقية لمشروعك، اسأل نفسك:
مَن هم وما هي نقاط القوة والضعف لدى منافسيك؟ ما هي منتجاتهم وخدماتهم وما أسعارها؟
وما هي آلية التسويق التي يتبعونها للبيع؟
ما الذي يميز مشروعك الريادي أو ما الذي يجعل منتجك فريداً؟
ولماذا يجب أن يختارك العملاء عوضاً عن منافسيك؟
هل هذا السوق يناسب مشروعك؟ كيف يمكن أن تحقق أهدافك في هذا السوق؟
ما هي الموارد التي تحتاجها؟ ما هو الجدول الزمني لتحقيق تلك الأهداف؟
هل حققت أهدافك؟ ما الذي نجح بشكل جيد؟ وما الذي يمكن تحسينه؟
دراسة السوق عملية مستمرة باستمرار نمو الأعمال، من المهم إجراء تحليل دوري للسوق للتأكد من سير العمل بالاتجاه الصحيح والبقاء على اطلاع دائم بآخر التطورات.
هناك العديد من أدوات البحث المستخدمة في تحليل الأعمال مثل: نموذج (McKinsey 7-S) وسلسلة القيم (value chain) ونموذج العمل التجاري (Business Model Canvas) ومصفوفة بوسطن (BCG) وغيرها، تمتلك الشركات التي تستخدم أدوات التحليل استراتيجيات نمو أفضل على المدى الطويل حيث إنها تدعم قراراتها ببيانات وأرقام حقيقية.
من أبرز الأدوات المستخدمة في التحليل:
أبسط أدوات التحليل الاستراتيجي للشركات الريادية، (SWOT) هي اختصار لـ أربعة مفاهيم:
يهدف تحليل SWOT إلى تحديد نقاط القوة التي تساهم في تشكيل الفرص لتطوير الأعمال، والتخلص من نقاط الضعف والتهديدات التي تواجه الشركة.
أداة إستراتيجيّة تسمح للشركات بفهم كيف يمكن لمجموعة عناصر مختلفة أن تؤثر في أعمالها.
يُركز تحليل بيستل على العوامل الخارجية التي قد تؤثر على المنظمات مستقبلاً -بدلاً من تحليل البيئة الداخلية للمنظمة- مثل: العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجيا.
فَهم هذه العوامل يساعد في وضع استراتيجيات مستقبلية تعمل على استغلال الفرص للنمو ومواجهة التحديات المحتملة بفاعلية.
ابتكر "مايكل بورتر" أستاذاً في جامعة هارفرد للأعمال، قوى بورتر الخمسة في عام 1979 م.
حيث افترض بورتر أنَّ هناك خمس قُوَى رئيسية تنافسية تمثل كل صناعة تقريبًا، بهذه القوى يمكن قياس شدة المنافسة داخل الصناعة وجاذبية السوق وحجم الأرباح المتوقعة، هذه القوى هي:
المنهجية / الأداة |
الإيجابيات |
السلبيات |
---|---|---|
PESTEL |
|
|
SWOT |
|
|
Porter's Five Forces |
|
|
تذكر أن اختيار الأدوات يعتمد على أهداف البحث والموارد المتاحة وطبيعة السوق أو الصناعة التي يتم تحليلها، غالبًا يكون من المفيد استخدام مزيج من هذه المنهجيات لاكتساب فهم أعمق للسوق.
في الختام، نستنتج أن تحليل السوق هي أداة حيوية مهمة لاستمرار ونجاح الأعمال. تُعطي فهمًا عميقًا للتركيبة المعقدة للأسواق وتتنبأ بالاتجاهات المستقبلية لها. ومع ذلك، علينا أن نتذكر أن تحليل السوق ليس علمًا دقيقًا بنسبة 100٪ وقد يكون هناك عوامل غير متوقعة تؤثر على السوق وتعكر صفو توقعاتنا.
لذلك، من المهم أن نعتمد على تحليل السوق كأداة توجيه فقط وأن نتبنى استراتيجيات مرنة ومتكيفة للتعامل مع التقلبات والمخاطر التي يمكن أن تنشأ في الأسواق، وأن نحافظ على رؤى طويلة الأمد في عالم ريادة الأعمال.