لبنان البلد الشهير بتاريخه العريق وثقافته الغنية، واجه العديد من التحديات الاقتصادية الصعبة في السنوات الأخيرة؛ مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر. ومع ذلك، فإن العديد من رائدات الأعمال في لبنان تمكن من تجاوز هذه التحديات وتحقيق النجاح في أعمالهن.
تلعب رائدات الأعمال في لبنان دورًا مهمًا في تنمية المجتمع، من خلال تمكين المرأة، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين الاقتصاد الوطني. هذه الخطوات الناجحة التي يخطونها تثبت أن العزيمة والإرادة يمكنها تحويل الأزمات إلى فرص للنمو والازدهار.
تُمثّل المشاريع الصغيرة والمتوسطة 95% من جميع الشركات في لبنان، وتمثّل 50% من العمالة الوطنية. ووفقًا لدراسة أجراها البنك الدولي في عام 2019 ، فإن 9.9٪ من جميع هذه الشركات مملوكة أو تُدار من قبل النساء.
تعد التحديات الاقتصادية الحالية في لبنان عاملاً مؤثرًا بشكل كبير على رائدات الأعمال، حيث يواجهن صعوبات متعددة مثل الانهيار الاقتصادي، تدهور قيمة العملة، نقص في التمويل، وقلة الثقة في النظام المالي. ومع ذلك، فإن هذه الصعوبات لم تثنِ روح رائدات الأعمال في لبنان، بل أدت إلى تعزيز إرادتهم وتنمية قدراتهم للتكيف مع المواقف المتغيرة.
أعدّت Expertise France في عام 2021 دراسة عن رائدات الأعمال في لبنان بعنوان "النجاة من الأزمة وسط التحديات" لتقييم التحديات الحالية والعراقيل التي تواجهها الشركات المملوكة للنساء أو التي تقودها رائدات الأعمال في لبنان، بما في ذلك التحديات الناتجة عن الأزمة المستمرة.
وكان الهدف من هذه الدراسة استكشاف احتياجات وسبل دعم رائدات الأعمال والشركات في لبنان.
كشفت الدراسة عن أهم هذه التحديات وهي:
هذه العقبات تشكل تحديات حقيقية أمام نمو وتطوير الشركات التي يديرها النساء في لبنان. تُظهر الدراسة الحاجة إلى دعم مستمر وتوفير الموارد والتدريب والتسهيلات القانونية لتمكين النساء الرائدات من توسيع أعمالهم وتحقيق نجاح مستدام.
ساهمت الأفكار الإبداعية في تطوير النشاط الاقتصادي في الكثير من البلدان وقدمت هذه الأفكار العديد من الخطط والحلول في مجالات التجارة وتطوير الأعمال، وقد أدت هذه الظاهرة الجديدة إلى ظهور ما يعرف بـ ”الاقتصاد الإبداعي” وهو عبارة عن استخدام الأفكار الإبداعية في تطوير الاقتصاد.
وفقًا لتقرير توقعات الاقتصاد الإبداعي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) بين عامي 2002 و 2015، تضاعف حجم السوق العالمية للسلع الإبداعية من 208 مليار دولار إلى 509 مليار دولار.
يساهم الاقتصاد الإبداعي بما يزيد عن 6.1٪ في الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، تُولد صناعات الاقتصاد الإبداعي عائدات سنوية تزيد عن 2 تريليون دولار وتشكل ما يقارب 50 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم، ونصف هذه الوظائف يشغلها النساء.
من المتوقع أن يصل الاقتصاد الإبداعي إلى تقييم عالمي قدره 985 مليار دولار في عام 2023 ويمكن أن يمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي قبل عام 2030، وفقًا لمركز الأبحاث G20 Insights.
الإبداع والابتكار يلعبان دورًا حاسمًا في مواجهة التحديات الاقتصادية؛ عن طريق:
من خلال تطوير صناعات وقطاعات جديدة وتوفير منتجات وخدمات مبتكرة، يمكن تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين الظروف المالية والاجتماعية.
يُقدم صندوق الأمم المتحدة للمرأة للمساواة بين الجنسين (FGE) منحًا عالية الأثر لمشاريع المجتمع المدني في لبنان منذ عام 2011 لتعزيز التمكين السياسي والاقتصادي للمرأة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يُركز الصندوق على المجتمعات الريفية ويستهدف النساء اللبنانيات. حتى الآن، تم التوصل إلى 36.000 امرأة من خلال برنامج الحاضنات لمنظمات المجتمع المدني النسائية والعمل على تعزيز قدراتهم ودعمهم في التحول إلى شركات اجتماعية مربحة والمشاركة في صنع القرار والمجالات العامة.
واستطاع صندوق الأمم المتحدة للمرأة توفير أكثر من 320 فرصة جديدة للنساء، و 9 منافذ تسويق دائمة لأعمالهم، بما في ذلك إنشاء ودعم 18 تعاونية ومشاريع اجتماعية بقيادة النساء وبالشراكة مع 19 بلديه.
هناك العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها لتمكين المرأة في ريادة الأعمال في لبنان، ومن بين هذه الخطوات:
تقدم "المشرق يبدأ" دعمها لرواد الأعمال الطموحين والنساء في لبنان الذين لا يمكنهم الوصول إلى فرص اقتصادية عادلة ومتكافئة، من خلال مبادرات مبتكرة للتمكين في ريادة الأعمال وتشمل هذه المبادرات برامج تعليمية وإرشادية مُفصلة وبرامج تدريب متخصصة وحاضنات أعمال افتراضية وأدوات حديثة، إضافةً إلى فرص التواصل مع مجتمعات ريادة الأعمال ومختلف أشكال الدعم الأخرى المطورة من قبل خبراء في دعم الشركات الناشئة.
تم اختيار سيدة الأعمال اللبنانية كارولين فتّال واحدة من "أقوى النساء العربيات في مجال الأعمال" من قبل "فوربس الشرق الأوسط" في 2014 و2015 و2017 ، ومرة أخرى في 2020.
كارولين هي شريك مؤسس في منظمة "ستاند فور ومن" غير الحكومية وتتخذ مقرًا في لبنان.
تُكرّس كارولين وقتها منذ عام 2017 لمساعدة العديد من رائدات الأعمال على المشاركة في تعزيز الاقتصاد المحلي والنمو، وشغلت كارولين العديد من المناصب القيادية في القطاع الخاص.
منذ انفجار بيروت في آب 2020، تعاونت كارولين مع "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" و"ستاند فور ومن" لدعم المؤسسات الصغيرة المملوكة للنساء التي تأثرت بالانفجار.
نادين مزهر واحدة من أفضل رائدات الأعمال الناجحات في منطقة المشرق العربي. تعمل كـ شريك مؤسس ورئيسة التسويق في شركة "ثروة" وهي شركة ناشئة أسستها نادين في مطلع عام 2018، تهدف إلى تحسين التجربة المالية للمستخدمين في لبنان.
تقدم شركة "ثروة" حلولًا مالية متكاملة للأفراد والشركات في المنطقة العربية، مثل الادخار والاستثمار والتأمين والقروض، بالاعتماد على التكنولوجيا لتحسين الوصول والتجربة المالية للمستخدمين.
حصلت الشركة على تمويل يزيد عن 10 ملايين دولار وتوسعت في المملكة العربية السعودية بعد الحصول على تصريح تجريبي للتكنولوجيا المالية. وفي عام 2020 دخلت في شراكة مع "ساكسو بنك" للكشف عن منتج "Sarwa X" ، وكذلك في عام 2021 أطلقت الشركة محفظة "ثروة كريبتو".
تُعد نادين مزهر شخصية رائدة في ريادة الأعمال؛ حيث تتمتع بخبرة واسعة في مجال التسويق والتكنولوجيا والمال، وتعمل على تطوير حلول مالية مبتكرة؛ لتعزيز التمكين المالي للأفراد والشركات في لبنان.
إن تمكين رائدات الأعمال في لبنان لا يساهم في تحفيز النمو والابتكار فحسب، بل إنه يرتقي بالمجتمعات لمستوى النساء الناجحات ويغذي التعافي العالمي بطريقة أكثر إنصافا واستدامة للجميع.
نقلاً عن تشارلز موريس (Charles-Maurice De Talleyrand-Périgord) -أمير ورجل دين فرنسي ودبلوماسي- الذي قال:
"حيث يفشل الكثير من الرجال، يمكن للمرأة أن تنجح"
في ضوء هذه العقلية الملهمة، يُعتبر الدعم غير المشروط لريادة الأعمال النسائية مسؤولية جماعية. إذا كنا نسعى لتحقيق اقتصاد أكثر قوة وتألقًا، علينا أن نقدم دعمًا متواصلًا وفرصًا عادلة للمرأة في مجال ريادة الأعمال.
إذا احتجتِ لأي دعم…. منصة المشرق يبدأ يمكن أن تساعد جميع النساء في الانطلاق لتأسيس أعمالهم الناشئة.