×
Skip to content

المرأة العربية في ريادة الأعمال: تحديات تواجهها المرأة في الوطن العربي ومبادرات تمكينية

يشير تقرير مراقب ريادة الأعمال العالمي GEM لعام 2019، إلى وجود فجوة  تزيد عن 40٪ في ريادة الأعمال بين الرجال والنساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي النسبة الأكبر عالميًا. وتخسر المنطقة بالفعل 575 مليار دولار سنويًا بسبب العوائق التي تحول دون وصول المرأة إلى الوظائف والأسواق.

ومع ذلك، تشير أبحاث عديدة إلى أن ريادة الأعمال النسائية تلعب دورًا حيويًا في التنمية العالمية لأنها تولد تأثيرات إيجابية على كل من الصعيد الوطني والدولي الاقتصاد، وكذلك على التنمية الاجتماعية لأنها تقلل من الفقر، وتوفر فرص العمل وتساهم بأفكار ومهارات جديدة، وكذلك القدرة على خلق التطور والتغيير في داخل المجتمعات.

  • ريادة النساء للأعمال تاريخيا

لطالما كانت السيدات محط مواضيع محورية في تاريخ البشرية، حيث عانت السيدات بشكل عام منذ زمن بعيد وحتى الآن من عدم المساواة في الحقوق مع الرجال في مختلف الحضارات والمجتمعات وفي مختلف النواحي المعيشية بما في ذلك ريادة الأعمال.

رائد الأعمال هي كلمة موجودة منذ أكثر من 250 عامًا، وتشير إلى الشخص الذي لديه ثقة ورؤية ومن هو على استعداد لتحمل المخاطر مع توليد أفكار وابتكارات جديدة. على الرغم من أن وصف رائد الأعمال النموذجي لا يكشف عن أي تفاصيل تتعلق بما إذا كان من الرجال أو النساء، لكن على مر التاريخ وباختلاف الحضارات والدول ارتبطت خصائص رائد الأعمال بـالجنس من الذكور. 

 لكن من بداية القرن العشرين، بدأت النسوية أخيرًا في إحداث تغييرات حقيقية في مناخ العمل النسائي، حيث تم إنشاء مجال اجتماعي أكثر ملاءمة لصاحبات الأعمال في الحضارات الغربية، ومن هنا بدأت رائدات الأعمال مثل Madam CJ Walker و Coco Chanel و Olive Ann Beech و Ma Perkins في الظهور كأمثلة ناجحة، حيث أسست هؤلاء النساء الأقوياء علاماتهن التجارية الخاصة وحاربن من أجل النجاح في مواجهة التمييز والأجور الغير العادلة والوصمات التي ابتليت بها صاحبات الأعمال. حتى يومنا هذا، لا تزال هذه العلامات التجارية على قيد الحياة لتروي إرث بعض رائدات الأعمال الأوائل في أمريكا…وإلى الآن تعمل تلك المجتمعات على قضية المساواة لما عانت منه المرأة من عدم المساواة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا لآلاف السنين.

وانتقالا من الحضارة الغربية إلى الحضارة العربية، تم الابتداء بتنشيط الحركة النسوية في منتصف القرن العشرين، لكن النساء في العالم العربي لا زالوا يعانون من تحيز الشعوب في الفكر والمنظور عن حقوقهم، حيث تقع المرأة العربية في منظومة مليئة بالمعتقدات المتوارثة والداعمة للرجال عن النساء لمختلف الأسباب التاريخية في المنطقة.

  • مميزات المرأة في مجال الابتكار وريادة الأعمال

بالطبع يوجد مايتميز به الرجال من صفات ومهارات مطلوبة في مجال ريادة الأعمال، لكن أيضا تتحلى المرأة بمميزات في المجال ذاته، حيث وضحت العديد  من الدراسات نقاط القوة عند المرأة ومميزاتها في مجال الابتكار وريادة الأعمال، كالتالي:

-الذكاء العاطفي والاجتماعي: ذكرت دراسة أجريت عام 2016 أن النساء سجلن درجات أعلى من الرجال في معظم مجالات الذكاء العاطفي. في الدراسة، وكانت النساء أفضل في "المهارات الشخصية" التي تساعدهن على القيادة بفعالية في الشركات. وتفوقوا على الرجال في المجالات الرئيسية ، بما في ذلك التدريب والتوجيه، التأثير، وفض النزاعات، والقدرة على التكيف، والعمل بروح الفريق الواحد والتوجه نحو الإنجاز، لذا تجلب النساء ذكاء عاطفيًا مذهلاً للشركات التي يقودونها. والذكاء العاطفي في القيادة يساعد في الاحتفاظ بالموظفين لفترة أطول. بعد كل شيء، يريد الناس العمل مع المديرين الذين يجيدون إدارة الصراع، والتدريب، والتأثير بالإيجاب على الناس.

-القدرة على التكيف: تخضع الشركات الناشئة للتغيير مع نموها، لهذا السبب من المهم جدًا أن يكون رواد الأعمال قابلين للتكيف.

 لحسن الحظ، حصلت النساء هذه الصفة. ففي أحد الاستطلاعات سُئلت 1400 امرأة عن المهارات التي تجعلهن ناجحين في العمل. كانت الإجابة الأولى هي القدرة على التكيف. تعرف النساء أنه لكي تنجح الأعمال التجارية، يجب عليهن التحلي بالمرونة أثناء التغيير. 

القدرة على المخاطرة: إن بدء عمل تجاري يمثل مخاطرة كبيرة، لكن النساء على استعداد لاتخاذ هذه الخطوة. وفقًا لبحث من مركز ريادة الأعمال في المملكة المتحدة، تبين أن 87٪ من رائدات الأعمال يتحملون المخاطر المالية، مقارنة بـ 73٪ من الرجال. ويمكن لـ 80٪ من النساء تصور الفرص عندما يرى الآخرون مخاطر…فعلى الرغم من أن الرجال يتمتعون بسمعة طيبة في كونهم مغامرين ، إلا أن النساء في الواقع لديهن القدرة على المخاطرة.

والعديد من الصفات الأخرى التي تمتاز بها المرأة في مجال ريادة الأعمال…لكن ما سبب وراء عدم رؤيتنا في العالم العربي لتلك المميزات، وعدم تخصيص الجهود على تمكين المرأة في ريادة الأعمال للاستفادة القصوى من تلك المميزات؟

Image-23

  • تحديات ومعوقات أمام المرأة العربية في ريادة الأعمال

توفر اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة، مبادئ توجيهية لضمان المساواة في الحقوق للإناث والذكور، حيث تؤكد الاتفاقية مسؤولية الحكومات عن تطبيق القوانين التي تهدف إلى القضاء على أكثر أشكال التمييز شيوعًا (الأمم المتحدة، 1979). ومع ذلك فإن العديد من دول الشرق الأوسط لا تزال تعكس حواجز قوية بين الجنسين للإناث، مما يجعل موقع رائدات الأعمال أكثر ضعفا من نواحي مختلفة.

معوقات اجتماعية: يرجح بعض الباحثين أنه بسبب الثقافة والمعتقدات المعتنقة في المنطقة، عند مقارنة حقوق المرأة في الوطن العربي للمعايير الدولية، فإن الإناث في المنطقة محدودة أكثر. حيث أن العادات الاجتماعية والمعتقدات هي التي تؤدي في المقام الأول إلى مثل هذه القيود، كقوانين تقيد حرية المرأة في أن تكون مسؤولة عن حياتها. 

وبمجرد الانضمام إلى سوق العمل كرائدة أعمال، هناك كل يوم التحديات التي تواجهها الإناث. إن الأعراف والقيم الثقافية في الدول العربية لها تأثير كبير على الأعمال المملوكة للنساء لأن الإناث بحاجة إلى النضال أكثر من الذكور لإثبات قدرتهم على ممارسة الأعمال التجارية (Javadian & سينغ، 2012). هذا النوع من التمييز يؤدي إلى الاستبعاد من النظام الرسمي وغير الرسمي لمنظومة الأعمال ووجود قوالب نمطية سلبية، بسبب هيمنة الذكور على الأعمال التجارية في البيئة ، يتم منح القليل من رائدات الأعمال الفرصة ليصبحن جزءًا من القائمة في بيئة العمل. هذا يؤدي إلى نقص في النماذج النسائية التي يمكن أن تلهم الآخرين أن تثق الإناث بقدرتهن على متابعة أحلامهن الريادية (فيجو، 2010).

صعوبة الوصول لرأس المال والدعم المالي؛ من أجل بدء عمل تجاري وإدارته وتطويره، يصبح من الضروري امتلاك رأس مال كافٍ يمكن أن تحافظ على الأعمال. يتم شرح التمويل على أنه الأساس لجميع الأعمال ، ومع ذلك إن العثور على شخص مستعد لتقديم التمويل أو الحصول على قرض ليس دائمًا أبسط المهام. تواجه رائدات الأعمال في جميع أنحاء العالم نقصًا في الأصول المالية والقضايا المتعلقة بمسائل الميزانية، وبالتالي هناك دائما تحديات في الجانب المالي أمام المرأة.

ففي إحدى الدراسات التي تمت في مؤسسة مراقب ريادة الأعمال العالمي GIM، ذكرت معظم رائدات الأعمال اللاتي تمت مقابلتهن أن الافتقار إلى الوصول إلى رأس المال والدعم المالي كان عقبة وكان 60٪ من النساء في مصر، 50٪ في فلسطين ، 50٪ في عمان، و 42٪ في الإمارات ذكرن أنهن لا يحصلن على القروض والتمويل. نظرًا لأن النساء أقل عرضة للحصول على ضمانات، واعتبرت المؤسسات المالية والحكومية المرأة أقل التزامًا وتحتاج إلى أحد أفراد الأسرة الذكور لإصدار تراخيص لهن. عندما اقتربت النساء من البنوك مع شريك من الذكور ، أصبحت أعمالهن أكثر جاذبية وأكثر احتمالاً للحصول على قرض. 

"عشرات الملايين من النساء حول العالم لهن تأثير كبير، ولقد حان الوقت الآن للعمل على عوامل التعزيز الرئيسية لريادة المرأة للأعمال، مثل توفير أبطال أقوياء ونماذج يحتذى بها، والإدماج في شبكات الأعمال المؤثرة، والوصول إلى رأس المال الاستثماري، مما يضمن القدرة على النماء لرائدات الأعمال،" -أماندا إيلام، باحثة في مراقب ريادة الأعمال العالمي

حيث أن العوامل الاجتماعية والثقافية لبعض المناطق مثل الوطن العربي، تمثل عائق للمرأة للحصول على تمويل، حيث تعامل بعض بلاد الوطن العربي الإناث على أنهن غير مؤهلات قانونيا لطلب الحصول على قرض والحصول على تمويل، أو لفتح حساب مصرفي، حيث تحتاج المرأة في بعض المنظومات إلى طلب الموافقة عن طريق الرجل - وهو أمر يعرقل رحلة المرأة في ريادة الأعمال ويجعلها أكثر صعوبة.

 وعلى سبيل المثال تعاني الإناث في الأردن من المعاملة معهن بشكل مختلف مقارنةً بالنظراء الذكور من حيث التقدم بطلب للحصول على قرض وكذلك بعد الموافقة على القرض. يزعمون أن الذكور يتلقون معاملة مميزة عندما يسعون للحصول على قروض مصرفية ، والتي تؤدي إلى حصول الإناث على فرص محدودة للحصول على الائتمان وفرص تطوير أعمالهن.

  • مبادرات لدعم وتمكين المرأة في ريادة الأعمال

تعمل عدة منظمات ومنظمات محلية ودولية على دعم المرأة العربية في مجال ريادة الأعمال، أهمها:

  • Flat6Labs- إحدى الشركات الرائدة في مجال الاستثمار ودعم الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- ولها العديد من المبادرات لتمكين ودعم المرأة في ريادة الأعمال، كالمبادارات التالية:

برنامج مسرعة الأعمال FEMTECH

حيث أطلقت Flat6Labs بالمشاركة مع Organo برنامج مسرعة الأعمال Femtech (المرأة في مجال الأبحاث والتكنولوجيا) لمساعدة الشركات العاملة في قطاع الصحة الرقمية والمؤسسة على أبدي النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودعمهن على تحقيق النجاح من خلال تقديم الدعم لإبداع المنتجات واختبار ملاءمتها للسوق وتحسين نماذج الأعمال.

-المشرق يبدأ

تم تأسيس منصة "المشرق يبدأ"  بالمشاركة مع مؤسسة IFC، لخلق فرص اقتصادية متكافئة وتعزيز النمو الاقتصادي في المشرق العربي من خلال مبادرات دعم ريادة الأعمال  لجميع مجتمعات المشرق العربي وبالأخص النساء والنازحين والأقليات، ممن يعانون من انعدام المساواة وانعدام الفرص الاقتصادية المتكافئة.

وتوفر المنصة منظومة شاملة لريادة الأعمال وبرامج حاضنة أعمال افتراضية للنساء وتقدم أشكالًا مختلفة من الدعم لرائدات الأعمال لتمكينهم من ريادة الأعمال وإطلاق المشاريع المؤثرة اجتماعيًا واقتصاديًا، كما توفر المنصة لرائدات الأعمال منظومة تمكينية من خلال توفير فرص التواصل للنساء الطموحات مع نماذج ناجحة من رائدات الأعمال في المشرق العربي للاستفادة من خبراتهن في المجال.

والأكثر أهمية أن البرنامج يوفر فرص التمويل للرائدات المساهمات في برامج حاضنة الأعمال الخاصة بالمشرق يبدأ، والدعم القانوني وغيرها من أشكال الدعم المختلفة التي تحتاج إليها المرأة في المشرق العربي. تعرفوا على المزيد هنا 

-She Wins

أطلقت مؤسسة التمويل الدولية وسوق أبوظبي العالمي، المركز المالي الإماراتي، برنامج She Wins في ديسمبر 2021. يهدف البرنامج إلى المساعدة على معالجة عدم المساواة بين الجنسين في مجال الشركات الناشئة وذلك من خلال الدورات التدريبية وتوفير فرص الاستثمار والدعم المادي وغيرها من أشكال الدعم التي تحتاجها رائدة الأعمال في الوطن العربي.


المصادر

https://www.kornferry.com/about-us//press/new-research-shows-women-are-better-at-using-soft-skills-crucial-for-effective-leadership

http://www.diva-portal.org/smash/get/diva2:1434349/FULLTEXT01.pdf

https://www.gendev.consulting/blog/brief-female-entrepreneurship-in-the-middle-east-and-north-africa-region-wgxjm-e8p28#_ftn4



تعرف على المزيد من الموارد المعرفية والتأهيلية لمنصة

"المشرق يبدأ" هنا.